في مشهد سياسي ساخن تغلفه المجاملات، وبعد استقالة محمد الحميدي من رئاسة فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس جماعة طنجة، يتواصل داخل الحزب صراع ناعم بين رئيس مجلس الجماعة منير الليموري، والقيادي الجهوي الغلبزوري، حول مستقبل التزكيات الانتخابية وموقع كل منهما داخل التنظيم، خاصة بعد تراجع بريق أسماء بارزة كالحميدي والدفوف.
ورغم أن العلاقة بين الليموري والغلبزوري تبدو ودية في اللقاءات العلنية وتنسيقية في محطات الحزب الرسمية، خصوصاً بعد توافقهما على الإطاحة بالحميدي وإجباره على توقيع الاستقالة قبل تصعيد الملف، فإن المتتبعين يؤكدون أن كل طرف يشتغل بصمت لحسم معركة النفوذ القادمة، في وقت تتجه فيه الأنظار إلى القيادة الثلاثية للحزب، خصوصاً فاطمة الزهراء المنصوري، باعتبارها صاحبة الكلمة الفصل في تزكيات “البام” برسم استحقاقات 2026.
الليموري في موقع القوة… لكن تحت الضغط
منير الليموري، الذي يتولى رئاسة جماعة طنجة ورئاسة مجموعة جماعات “البوغاز” ، فضلاً عن رئاسته مجموعة الجماعات الترابية “طنجة تطوان الحسيمة” للتوزيع و الجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات ما يراه البعض تنافيا في المهام، ويشغل منذ 2012 مهمة المنسق الإقليمي لحزب الأصالة والمعاصرة بعمالة طنجة-أصيلة، ونجح منير خلال الأشهر الأخيرة في تعزيز قربه من السلطات الترابية، وعلى رأسها والي الجهة يونس التازي، حيث بدا في أكثر من مناسبة منسجماً مع الرؤية الرسمية لتدبير المدينة. ويعتبر البعض هذا التقارب نقطة قوة تعزز موقعه في مفاوضات الكواليس، خاصة بعد التوترات الأخيرة داخل المكتب السياسي الجهوي.
لكن هذا التقارب مع السلطة، وإن عزز موقع العمدة، فقد أثار تحفظ بعض القيادات التقليدية في الحزب، التي ترى أن الليموري بدأ يتحرك منفردًا ويتخذ قرارات دون الرجوع إلى القواعد أو التنسيق مع الفروع، وهو ما فتح شهية خصومه داخل التنظيم.
الغلبزوري… عودة هادئة إلى المشهد
أما الغلبزوري، نائب رئيس مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، والمنسق الجهوي للحزب، الذي سبق أن لعب أدوارًا محورية في تأسيس “البام” بطنجة، وتعرفه القيادة الأولى للحزب جيداً، فيراهن على شبكة علاقاته القوية، سواء في الأوساط الشعبية أو داخل دوائر النفوذ الريفي وخصوصاً مع المؤسسين، من أجل العودة بهدوء إلى الواجهة. وتشير مصادر من داخل الحزب إلى أن الغلبزوري يتحرك بصمت لإعادة تجميع حلفائه وبناء قاعدة دعم تنظيمية، استعدادًا للحظة “الانقضاض”، خصوصاً مع المشاكل الأخيرة التي غرق فيها العمدة مع ديوانه، واللغط والنقد الذي تلقاه، والذي أظهر أن العمدة غير قادر على المواجهة، وأصبح يقحم مستشاريه لحل وتفادي الظهور في مشاكله.
ورغم ظهور الغلبزوري النادر في الآونة الأخيرة، فإن اسمه يُطرح بقوة في كواليس الحزب، خاصة في ظل احتدام التنافس، ويعتبره بعض رفاقه أن تزكيته ستكون بمثابة “رد اعتبار” على ما قدمه من توافقات في مراحل حساسة.
الحميدي والدفوف… من ضحايا الصراع؟
في خضم هذا التوتر الناعم، تراجعت أسهم محمد احميدي بشكل واضح بعد خروجه من المشهد، وتآكل نفوذه داخل الجماعة، والحكم الابتدائي الأخير الذي طاله، مما جعله خارج حسابات القيادة الحالية. كما يواجه الدفوف ضغوطًا مماثلة، إذ بات يُنظر إليه كجزء من الماضي السياسي المنتهي، الذي تسعى قيادة الحزب إلى تجاوزه لصالح أسماء جديدة أكثر انسجامًا مع تحولات المرحلة.
غير أن احميدي والدفوف، وإن كانا خارج حسابات القيادة المباشرة، لا يزالان يحتفظان بعلاقات وازنة، مما يجعل موقعهما محل مراقبة، خصوصاً إذا قررا الاصطفاف إلى جانب أحد طرفي الصراع لتقويته على حساب الآخر.
الهدوء لا يعني السكون
في المحصلة، يبدو المشهد داخل “البام” بطنجة هادئًا ظاهريًا، لكنه يخفي تحركات حذرة وتحالفات غير معلنة، حيث يسعى كل طرف إلى كسب النقاط بهدوء، انتظارًا للحظة الحسم. ويظل السؤال معلقًا: هل تنفجر الخلافات قبل أن تنطق المنصوري بكلمة الحسم؟ أم أن الصراع سيظل تحت السيطرة حتى تُعلن التزكيات بشكل رسمي؟
طنجة بوست tanjapost – أخبار طنجة : المصدر